قال تعالى ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) الأنعام: 160
قبل أن اشرح معنى هذه الآية أريد أن أوضح لكم عدة أمور
هناك ارتباط وثيق بين الإنسان وعمله وهذا الارتباط يمر بمراحل ثلاث هي:
المرحلة الأولى: الحال.
ونعني بها حصول حاله معينه لدى الإنسان بعد قيامه بعمل ما ، ولكن هذه الحالة سرعان ما تزول بزوال المؤثر وهي من قبيل صفرة الخوف و حمرة الخجل ومن قبيل أن يسمع الإنسان موعظة في مسجد ما وتحصل لديه حاله نفسيه معينة كحب الأنفاق أو الخوف من الموت . ولكن هذه الحالة سرعان ما تزول بمجرد أن يخرج من المسجد وتمر على الموعظة فترة زمنية قصيرة.
المرحلة الثانية: الملكة
ونعني بها أشتداد الحالة السابقة وقوتها في وجود الإنسان بحيث يتعذر ويتعسر زوالها كملكة الشجاعة في الشجاع وملكة العدالة في العادل وإذا زالت هذه الملكات سرعان ما تعود .
المرحلة الثالثة: الاتحاد
وهي المرحلة التي تكون فيها الملكة جزءا من وجود الإنسان بحيث لا يمكن زوالها منه.
مثال على ذلك:
لو أخذنا فحمة سوداء ووضعناها على النار لمتر هذه الفحمة بثلاث مراحل .
الأولى أن تصبح حارة مع بقائها فحمه سوداء ولو زالت النار عنها فسرعان ما ترجع إلى ما كانت عليه ،وهذه هي مرحلة " الحال " ثم يتحول ظاهر الفحمة إلى نار مع بقاء باطنها فحمه سوداء ولو زالت النار عنها فأن رجوعها إلى حالتها الأولى متعسر بطيء وهذه هي مرحلة " الملكة " ثم لو بقيت تلك الفحمة على النار لتحولت إلى جمرة من نار لا يمكن بعدها زوال النارية عنها ولو زالت النار عنها لما رجعت إلى طبيعتها الفحمية الأولى وهذه هي مرحلة " الاتحاد "
إذن تبين أن ارتباط الإنسان بعمله سواء كان صالحا أم طالحا يمر بمرحل ثلاث.
الآن نرجع إلى تفسير الآية
مع الأسف أن الكل يعتقد أن تفسير هذه الآية هو أن من يعمل حسنه فله عشر أمثالها لكن هذه الآية لا تني من عمل الحسنه فله عشر أمثالها وألا فالكثير منا يعمل الحسنة ولكنها بعد ذلك تزول ولا تبقى لأنها "حال " لا "ملكه " فإذا أستطاع الإنسان أن يجعلها متجذره وجزءا من وجوده وجاء بها يوم القيامة فله عشر أمثالها .
استعنت في شرح هذه الآية مستعينة بكتاب التربية الروحية للسيد كمال الحيدري